حديث السحر 4
لا إكراه في الدين – تراويح اليلة – وِترُ الليلة الرابعة
(. حديثٌ مُعاد.)
ملاحظة: هذه ليست مقالة، وإنما هي خاطرة وردت في منشور من المنشورات التي أنشرها على صفحتي على انستغرام، ولاينبغي أن تُقرأ خارج ذلك. أحاول أن أشارك بعض الأفكار التي تخطر بي من حينٍ لآخر، وخاصة تلك التي تتوارد أثناء أو بعد صلاة التراويح.
في آية البقرة هذه، والتي يمر عليها كثير من الجنادبة وكذا المسلمون مرورا خاطفا، ويتجازونها ثقافيا وتراثيا وحتى فكريا. هل يوجد شيء يُسمى “حدَّ الردة” في الإسلام؟ وهل حقا ما يشيعُه بعض وعاظُ الأكاديمية والإسلام فوبيا وحتى كثير من المسلمين عن فهمهم للنصوص صحيح؟ من حيث ما يسمونه ” حدَّ الردة”؟
طبعاً دعنا نتناول الموضوعَ حبّةً حبّة.
لنتفق أولاً على تراتبية مصادر التشريع بالنسبة للمسلمين. والتي تبدأ بالقرآن ثم السنة… ثم ما تلا تلك لاحقا. بخصوص القرآن يعتبرونه قطعي الثبوت كله، ولكنه ظني الدلالة في مجمله. بينما يعتبرون السنة ذاتُ ” الظنيتينِ”. أي ظّنيةُ الدلالة ، ظنّية الثبوت ( في مجملها).
هذه المقدمة مهمة جدّا لتساعدنا لاحقا في فهم خلاصات ماقد أشير إليه.
طبعا، أنت لستَ بحاجة إلى المحجاجة بأنّ ما ستقرأه – مُختصرا- هو خلاصة خَمرِ “الليبرالية، وعقدة تأثير الخواجة”، والحداثة، ومسايرة الغرب( إلّ احكرْ لُ من شي)…إلخ لأني سأحرص في هذا المنشور القصير على أن لا أستخدم مصدرا بعد القرن الــ7! مايعني أن كل ما سأشير إليه من آراء في هذا الموضوع هي قديمة، وتعبر من آراء مايمسيه البعض” بالسلف”.!!
أولا: تراتبية مصادر التشريع كما اتفقنا مبنية على تقديم القرآن (1)، السنة (2) ثم ما تلى تلك المصادر التي لا حاجة لنا بالخوض فيها الآن.
فالنسبة للقرآن الكريم، فقد دلت آياتُ كثيرة، في أكثر من موضع، وفي أكثر من حالة، وبأكثر من صيغة على حرية المعتقد أعني حرية الدين. وإليك بعض تلك الآيات:
“لا إكراه في الدين قد تبيّن الرُّشدُ من الغّيِّ…” ، “…ولو شاءَ ربك لآمن من في الأرض جميعا، أفأنتَ تُكرهُ الناس حتى يكونوا مؤمنين” ؟. “فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم ألا يكونوا مؤمنين”. “فمنْ شاء فليُؤمن ومن شاء فليكفر”. .”… من يرتدد منكم عن دينه فيمتْ وهو كافرٌ فأولائك حبطتْ أعمالهم..” ولمْ يَقلْ بوجوب أي حد عليه في هذه الحالات. “إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكنِ اللهُ ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا” ولم يُشر إلى أية عقوبة هنا وإنما ترك الموضوع للآخرة.
بخصوص آيتنا الليلة فبالرجوع إلى أسباب نزولها نجدها نـزلت: في رجل يقال له الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلا مسلما، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنـزل الله فيه ” لا إكراه في الدين”.!
أو بصيغة ثانية كما في الطّبري وفي مصادر أخرى، أن رجلا يدعى أبو الحصين جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له “) إن ابنيَّ تنصرا وخرجا، أفأطلبُهما (هل أتابعهما/ أجبرهما/ أردّهما) ؟ فقال:”له النبي” لا إكراه في الدين ” .
ثانيا: قد يجادل البعضُ من سلفي ما بعد كمال قُبح القريحة، أو من “الملحدين السلفيين” بأن آية عدم الإكراهِ نزلتْ في فترة لم يكن الرسول قادرا فيها على إنزال العقوبة على المرتد. وهذا كلام لا يستقيمُ إذ أن هذه الآية نزلت كجزء من سورة البقرة. وهي سورة مدينة لا خلاف في ذلك. وقد نزلت في أوجه استقرار دولة الرسول وكمال قوته، لذلك ليس لهذه المحاججةِ أية قيمة.
ثم قد يجادل هؤلاء، بأن هناك حديثا ـ بغض النظر عن درجة صحته – يقول :” مَنْ بدّل دينه فاقتلوه”. وهذا حديث حتى وإن صح فإنه يتعارض والنصوص القرآنية الأخرى. كما يتعارض مع عدة أحاديث أخرى مثل حديث الأعرابي” أقلني بيعتي”. وحديث رجل بني الأنصار الذي حاول إجبار أولاده على الإسلام فمنعه الرسول من ذلك وذكر الآية.
ففي حديث أعرابي “أقلني بيعتي”. لم يأمر الرسول بإحقاق أية عقوبة عليه. ولو كانتْ الردةُ تستوجب الحدّ لما جاز للرسول إلا إقامة ذلك الحد. وطالما لمْ يفعل فهذا دليلٌ على ألا حدّ فيها.
ومن الطريف أن عالمان من أهم العلماء وأكثرهم اختلافاً مدرسيا ( أعني أنهما من مدرستان مختلفتان: الأشاعرة والمعتزلة) حين تناولا هذه الآية، اتفقا فيها – رغم اختلافاتهما المدرسية – على أنها تعني الحرية المعتقداتية. هذان العالمان/الباحثان هما :الرازي ( أشعري) والزمخشري ( معتزلي).
يرى الرازي حين تعامل مع الآية أنها تدل على أن الإيمانَ مبني على “التمكن والاختيار” وليس الجبر. إذ لا معنى لإيمانٍ يكون بالجبر والخوف!. وكذا رأى الزمخشري والذي أورد معنى للآية :” أي لا تكرهوا( تُجبروا) في الدين”!
حتى الإمام أبو حنيفة ذاته كان يرى أن الذمي دمه تماما مثل دم المسلم. مايعني أنه لا توجد تفرقة على أساس المعتقد. وهو ذاته الذي فهم تلك الأحاديث على أنها خاصة بالمُقاتل. أي الذي يقاتلك على أساس دينيٍّ بدليل أن المرأة لا يقام عليها ” حد الردة”.
ثالثا: حتى وإن افترضنا عقوبة للمرتد فإن هذه العقوبة لا يمكن أن تكون إلا تعزيرية وليستْ حدا. ولايمكن إثبات إقامة الحد فيها بنص ظني فريد.!وعلى مر التاريخ الإسلامي ظل “حد الردة” سيفٌ مسلطٌ على رقاب الخصم، فكل من تمت عقوبتهم تحت تلك اليافطة كانوا ضحايا السلطة أو التجبر الشخصي. ويمكنك الأخذ من الحلاج إلى السهرودي إلى محمود محمد طه (السودان) أو ما قبلهم وبعدهم. وحتى إلى أحداث وقعت في عصرنا الحالي في بعض المناطق. والذي لا يمكن تجاوز الجانب السياسي والقمعي فيها. واسغلال النصوص لتبرير ذلك. (ولعلي أرجع لهذه النقطة بالذات بشيء من التفصيل في وقت آخر)
الخلاصة:
لا يمكن فعلا الاستناد على النصوصِ الوحيية في إثبات ما يُسمى ” حد الردة” كما لا يمكن لدعوى “جبر الناس على الإسلام” أن تتسقيمَ. ومما اتضح من المنشور القصير أعلاه. أنه النصوص القطعية ( في الثبوت على الأقل) تسعى إلى توطيد مبدإ حرية المعتقد. بينما يلتصق البعضُ بأغصانِ بعض الآراء الفقهية البالية من أجل الحد من مبدإ الحرية ذلك.
إنه فعلا لمن المحزن أن نجد من بيننا من لايزالُ يناقش موضوع الحرية الدينية. قد أتفهم هذا من صعاليك “الإسلام فوبيا” ومن جرى في فلكهم. ولكنني لا أستطيع تفهم أن من بين المسلمين من يرى حقا بوجود شيء يمسيه “حدَّ الردة” بينما الإسلام ذاته يربط فعل المكلّف بالحرية المطلقة وإلا لا يعتبرُ مكلّفا أصلا.
هذا هو ما ذكرتني به الآية الليلة. وكما أشرت من قبل، لا ينبغي اعتبار هذا المنشور مقالاً أو نصا أكاديميا وإنما هي خواطرٌ أشاركها بغية التعلّم منها شخصيا، وتقييم النفس لا أكثر. تُنشر هذه الخواطر بشكل يومي على صفحتي على اسنتغرام وتُشارك مع بعض الأصدقاء والمقربين، ولا تنشر هنا إلا حين يتجاوز عدد الكلمات رقما معينا. وهي هنا محمية بكلمة مرور غالبا!
www.watchesbest.me www.linkreplicawatches.me rolex replica fake watches for sale