تروي القصة التاريخية ( أسطورة تعبيرية عند البعض ) أن النبي نوح عليه السلام حين أرهقه قومه وضاق ذرعاً بهم، ثم أخبر – لاحقا- بقدوم الطوفانِ بدأ العمل على السفينة التي ستنقذه لاحقا.. تحكي القصة، أنه تعرض لسخرية شديدة. كان منها أن أحدهم قال له أثناء عمله على السفينة ” كُنتَ نبِيّاً فأصبحتَ نجَّارا“. لتصير هذه السخرية مثلاً لاحقا يسخدم لمن تغيرت حياته تغيرا جذريا لا يتوقع منه ذلك. ولكنه يُضرب أيضا لمن انتقل من حالة حقيقية إلى حالة يتقمصها وليستْ واقعية بالضروة.!
ذكرني هذا المثل بشيء قرأته في ملاحظاتي اليوم حول ما أكتبه عن “أئمة فظمة” . حيث وجدتُ في الملاحظة عنوانا يقول : “كنتَ شمكاراً فأصبحتَ إماماً”.!
والقصة أن أحدهم ممن صار لاحقا إماماً مهما ومُفتِيّا، وعالما( هو ليس أيً من كل هذا) كان مجرد متسكعٍ لم يدرس في حياته أي شيء له علاقة بالفقه أو علم الكلام أو التصوف أو اللغة أو أي علاقة بالبحث المعرفي عموما أو حتى بالمطالعة العامة . ولكن لأن أرض “العمي يشيخُ فيها العور” وجدَ نفسه صدفةً إماماً ومفتيا ووسيطا بين”أبناء السوق الحرة” ومؤمني الصدفة من جهة، وبينهم وبين ربّهم المُتخيل!
**شمكار هي كلمة دارجة ( عامية مغربية) وهي تعني معاني كثيرة حسب المدينة والمنطقة والاستخدام.. ولكن بمكننا ترجمتها ب “كنت ضالا”. ضالا بمعنى تائها/ضائعاً وليست بالمعنى القُرطبي في تفسيره “ووجدكَ ضالا فهدى” أي وجدك وحيدا. ولكنها تعني تائهاً بعيدا عن حياضِ العلم والمعرفة والبحث عن الحكمة والأدب وكل فعل نبيل؛ قريبا جدا من نقيض كلّ ذلك!
شمكار هي مرادف لما يمسيه ابن سينا بالجهل المركب! الذي لا يعرف الشيء ولكنه مصر على معرفته إياه، أو السقيم الذي يعجز عن تقدير دائه والاعتراف به.
وشمكار هذه أيضا هي عنوان قصة قصيرة شاركها معي صديقي وربما أنشرها لاحقاً هنا أو في مكان آخر!